بيان إدانة بشأن الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين من عشائر البدو في محافظة السويداء السورية

تتابع منظمة “مساواة للحقوق والحريات” بقلق بالغ تطورات الأوضاع الإنسانية الخطيرة في محافظة السويداء جنوب سوريا، وما شهدته من أحداث دامية خلّفت مئات الضحايا في صفوف المدنيين، خاصة من أبناء عشائر البدو، نتيجة اعتداءات واسعة النطاق نفّذتها مجموعات مسلحة من أبناء الطائفة الدرزية، يُعتقد أنها منظّمة وتعمل خارج نطاق القانون، وسط غياب تام للسلطات الحكومية وفشل في حماية المدنيين.
فمنذ 14 يوليو الجاري، اندلعت اشتباكات عنيفة امتدت إلى أحياء المدينة الشرقية والغربية وبعض مناطق الريف التي تقطنها عشائر البدو، وشهدت تلك المناطق موجة عنف ممنهجة، ولا سيما بعد اجتياح مسلّحي الدروز لأحياء بدوية عقب انسحاب القوات الحكومية، ما أتاح المجال لارتكاب انتهاكات جسيمة دون رادع.
فقد وثّقت المنظمة عبر مصادر ميدانية وتقارير مستقلة ارتكاب تلك المجاميع المسلحة لمجموعة واسعة من الانتهاكات، منها الإعدام الميداني لمدنيين عزّل، وحرق وتدمير ونهب منازل وممتلكات، فضلاً عن تهجير أكثر من 2,000 عائلة من أحياء مثل حي المقوس، في ظل ظروف إنسانية قاسية. كما تم تسجيل حالات قنص واستهداف مباشر، واختطاف مدنيين، تعرض بعضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
وترى منظمة “مساواة” أن هذه الانتهاكات تمثل خرقاً فاضحاً لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، وتُصنَّف وفق القانون الدولي الإنساني ضمن جرائم الحرب، بل وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية نظراً لطابعها الواسع والمنهجي، واستهدافها المتعمّد لمكون مجتمعي محدد (البدو) على خلفية الهوية ،وتُحمّل المنظمة المجموعات الدرزية المسلحة، وكذلك المحرّضين والمموّلين والمتواطئين، المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن تلك الجرائم.
وتطالب منظمة “مساواة” المجتمع الدولي، ممثلًا بمجلس حقوق الإنسان ومكتب المفوض السامي واللجنة الدولية للتحقيق في سوريا، بفتح تحقيق عاجل ومستقل، وتوثيق الجناة، تمهيداً لإحالتهم إلى القضاء الدولي المختص.
وتدعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية إلى تأمين ممرات آمنة للنازحين من العشائر البدوية، وضمان إيصال المساعدات، وحماية المدنيين من أي أعمال انتقامية جديدة.
وتناشد المنظمة الحكومة السورية بتحمّل مسؤولياتها في حماية مواطنيها دون تمييز، ونشر القوات النظامية في مناطق الاشتباك، ومحاسبة جميع المتورطين في الانتهاكات وتعويض الضحايا مادياً ومعنوياً.
وتُدين منظمة “مساواة” الغارات الإسرائيلية المتكررة، لا سيّما التي استهدفت مؤخراً منشآت مدنية ومواقع عسكرية في السويداء ودرعا ودمشق، وأسفرت عن سقوط ضحايا وتدمير واسع للبنية التحتية.
وترى أن هذه الضربات الإسرائيلية تندرج ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى إضعاف الدولة السورية، وخلق فراغ أمني في السويداء، وتأجيج الصراع الطائفي، عبر دعم الميليشيات الدرزية وتشجيعها على التصادم مع باقي الطوائف، في سياق تفكيك المجتمع السوري وتمزيق نسيجه.
وتؤكد المنظمة أن هذه الاعتداءات تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن، وتُحمّل المجتمع الدولي مسؤولية صمته، الذي تعتبره تواطؤاً يهدد السلم الإقليمي.
وتدعو مساواة في ختام بيانها جامعة الدول العربية، وبعثة الأمم المتحدة الخاصة بسوريا، والدول الراعية للعملية السياسية، إلى الضغط الجاد لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، ومنع أي دعم عسكري أو لوجستي للجماعات الدرزية المسلحة المتورطة في الجرائم، باعتباره دعماً غير مباشر لجرائم حرب.
صادر عن: منظمة مساواة للحقوق والحريات
18 يوليو 2025